ملخص الدراسة:

تُعد مسألة انتقاء النظــــام الانتخـــــــــابي من أهــــم القرارات بالنسبة لأي نظــــام ديمقراطي. ففي غالبية الأحيان يترتب على انتقاء نظام انتخابي معين تبعات هائلة على مستقبل الحياة السياسية في البلد المعني، وعلى الرغم من أن انتقاء النظم الانتخابية يتم مؤخرا من خلال عملية مدروسة، إلا أن ذلك لم يكن كذلك فيما مضى. ففي كثير من الأحيان كانت عملية الانتقاء تتم بشكل عرضي، كنتيجة لتزامن مجموعة من الظروف غير الاعتيادية، أو استجابة لميول شائع، أو بسبب تحول تاريخي مفاجئ، دون أن ننسى مسألة الإرث الاستعماري وتأثير المحيط كعوامل بالغة التأثير. وفي الواقع ،ان عملية انتقاء النظام الانتخابي هي مسألة سياسية بالدرجة الأولى، وليست مسألة فنية يمكن لمجموعة من الخبراء المستقلين معالجتها. اذ غالباً ما تكون المصالح السياسية في صلب الاعتبارات، إن لم تكن الاعتبار الوحيد، التي يتم الأخذ بها في عملية انتقاء النظام الانتخابي ولعل ذلك ما ينطبق على الشأن السوداني الذي أخذت الاعتبارات السياسية والمصالح الحزبية تفرض نفسها على نوع النظام الانتخابي المعتمد فيه مما جعل السودان يعاني من عدم الاستقرار السياسي طوال الحقب السابقة . إذ ان معظم النظم الانتخابية التي اعتمدتها الحكومات المدنية منها والعسكرية والتي تعاقبت على السلطة في السودان قد أخفقت في إجراء تغيرات في أسس الحكم وفي بناء دولة متكاملة حيث ظلت القيادات التقليدية للأحزاب السياسية هي المسيطرة على الأحزاب نفسها وعلى السلطة من خلال سيطرتها على الوزارات التي تشكلت وكذلك الحال ينطبق على النظم العسكرية مما أدى ذلك الى بقاء البلاد أسيرة الصراعات العرقية والطائفية .