ملخص الدراسة:

إن أهمية الرؤيا الصوفية للشعرية المعاصرة تتمثل في كونها نزعة حدسية، كشفية، وثيقة الصلة بالفن ، والتصوف الإسلامي يستطيع أن يسهم في تطوّر مفهوم الفن الحديث بوصفهِ كشفا متوهجاً لجوهر الحياة وجمالها، وتتمثل أبرز مظاهر التجربة الصوفية في الشعر العربي المعاصر في الحزن العميق، الهاديء، المتطوّر عن الحزن الرومانسي القديم، وفي تجربة الفيتوري، وصلاح عبد الصبور، وعبد الوهاب البياتي خير شواهد ثم يأتي ارتباط الشاعر المعاصر بالرموز التراثية المثقلة بالتضحية والفداء وارتياد الشاعر الجديد لعالم الارواح وسمة الخلود فيها ، فالشاعر المعاصر يشعر بالحاجة للاتحاد بالصوفي الشهيد في تراثنا العربي الاسلامي كالحلاج، والسهروري وابن الفارض وسواهم كثيرون اذ إنَّ اتحاد المعاصر بالاصيل من هذه الرموز على نحو مجازي، أو حقيقي يمثل صورة الاعتقاد بنموذج صورة البطل الثوري ، وكان لتوق بعض شعرائنا كمحمود البريكان وخليل حاوي والبياتي، وادونيس وعبد الصبور الى الانفتاح على قضيتين كبيرتين: احدهما القضية الوجودية الكيانية، والاخرى الكونية الميتافيزيقية قد حقق مبدأ الحلول الصوفي هذا التوق في الحلولية الكونية من مثل معانقة الشاعر للكون أو اتحاد الشاعر والارض الحبيبة، أو فناء المحب في المحبوب وسواها فضلاً عن القدرة على اكتشاف منطقة المابين، الظل والضوء، بين الليل والنهار، بين الحقيقة والخيال، وهي منطقة شبحية يلوذ بها الشاعر من الموت ويحتمي من جبروته ونجد أن التجربة الصوفية ساهمت ببلوغ مرحلة التسامي ضد الصدمات العاطفية والغايات الذاتية والدخول في عالم التأحد مع موضوعية الجوهرية الذي يتعامل معه في عوالم وعيه ولا وعيه، محققا بذلك ضربا من إشباع ظما النفس لمعانقة المتوقع الذي يأتي ولا يأتي، الحلم المستحيل، والامل المطلق كما فعل ادونيس والبياتي في الكثير من قصائدهما ذات التنويعات الفكرية والفنية في الرؤيا الصوفية.