ملخص الدراسة:

أن الحمد لله نحمده, ونستعينه, ونسترشده, ونستهديه, ونؤمن به, ونتوكل عليه ونثني عليه الخير كله, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا , ومن سيئات أعمالنا, ونسأله السداد في الأمر, وإعظام المثوبة والأجر, من يهده الله, فلا مضل له, ومن يضلل؛ فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, كلمة قامت بها الأرض والسموات, وفطر الله عليها جميع المخلوقات, وعليها أسست الملة, ونُصبت القبلة, ولأجلها جُردت سيوف الجهاد .وأشهد أن سيدنا محمد ومولانا عبده ورسوله, وصفيه, وخليله, وخيرته من خلقه؛ أرسله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراً,ونذيراً, وداعياً إلى الله بإذنه, وسراجاً منيراً, فأشرقت برسالته الأرض بعد ظلماتها, وتآلفت به القلوب بعد شتاتها, وهوت جهالات الكفر بعد شخوصها .فصلى الله , وملائكته, وأنبياؤه , ورسله, والصالحون من عباده عليه وآله, وسلّم تسليماً كثيراً إلى يوم العرض والدين .وبعد... فإن الله سبحانه وتعالى أراد أن تكون هذه الشريعة خاتمة الشرائع وصفوتها, وقد اصطفى جل شأنه لتبليغ هذه الرسالة صفوته من خلقه محمداً (r), فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة, وكشف الغمة, وجاهد في الله حق الجهاد, فأظهر الله دينه القويم على سائر الأديان, ومن تمام نعمة الله تعالى أن اختار لنبيه(r) أصحاباً مؤيدين له وناصرين,فاقتبسوا منه ما جاء من معاني هذا الدين فأضاءت قلوبهم من محبته فحملوا القرآن والسنة وما جاء من مقاصد, فكانوا أوقد ذهناً وأبعد نظراً وأعمق لفهم نصوص الشريعة ممّا لم يفهمه ممن جاء بعدهم, فكانوا هم حملة هذا الدين إلى من جاء بعدهم, فاهتدوا بهديهم واستناروا بنور علومهم, وحملوا عنهم راية العلم, فسلكوا منهجهم القويم, ومن بين هؤلاء التابعين فقهاء مكة والمدينة الذين كان لهم أبلغ الأثر في رفد مسيرة الشريعة, وعلى الرغم من أن فقهاء المدينة كانت لهم الحضوة الكبرى إلا ان فقهاء مكة كانوا لا يقلون شأناً عنهم ومن بين فقهاء مكة الأجلاء الإمام عبد الملك الرومي .ويعدّ الإمام عبد الملك المكي من علماء مكة البارزين الذي كان له أبرز الأثر في إغناء الثروة العلمية الإسلامية وخاصة في علوم القرآن والحديث والفقه.وعلى الرغم من مكانة هذا العالم الجليل وامتلاكه عقلية واسعة جعلت منه عالماً بارعاً في تلك العلوم, إلا أنه لم يحظ بدراسة شاملة تحيط بجوانب هذه الشخصية إلا من الناحية التفسيرية فقد تم تناول منهجه في التفسير فحسب .ولهذا كله وجدت أن من المهم أن يكون هذا الإمام موضع عناية لإبراز شخصيته الفقهية؛ لأن فقه السلف هو الركيزة الأساسية بعد القرآن والسنة, فهو ثروة فقهية لو كانت عند أمة من الأمم لطاولت به الزمن ولفاخرت به الأمم .وعليه كان منهجي في هذا البحث : أني قد بدأت بدراسة حياته الذاتية والعلمية وقد أبرزت آراءه واختياراته الفقهية وشرعت في بيان ما نقل عنه من آراء فقهية فأذكر أولاً رأي الإمام الرومي, ثم أعقبه بذكر من وافقه في الرأي من الصحابة (y) والتابعين, والأدلة التي استدلوا بها ما أمكنني ذلك ومناقشتها, ثم أذكر مذهب المخالفين وأدلتهم ومناقشتها بحسب الوسع منتهياً إلى الرأي الذي يبدو لي راجحاً .وقد جعلت كل ذلك في مبحثين : أحدهما: السيرة الذاتية للإمام الرومي المكي . والآخر: الاختيارات الفقهية للإمام الرومي في فقه الأسرة والمعاملات المالية وفيه مطلبان: الأول : الاختيارات الفقهية في فقه الأسرة . والثاني: الاختيارات الفقهية في المعاملات المالية. ثم خاتمة البحث وثبت المصادر والمراجع