ملخص الدراسة:

يعدُّ الفراء رأس المدرسة الكوفية على وجه الحقيقة وصاحب أشهر سفر ألف في معاني القرآن، شهرة لم تأت من ضخامته واستيعابه لأغلب آيات الكتاب الكريم فحسب، بل من عمق التحليل فيه ودقته وموضوعيته أيضا. ولقد كان الفراء متفردا في معانيه بكلِّ شيء؛ بآرائه، وبطريقة عرضه وحتى بتعبيراته ومصطلحاته الخاصة التي قد لا يشاركه فيها إلا القلة. ومن هذه التعبيرات الخاصة ما اصطلحنا عليه (الأحكام الذوقية)، التي عدَّها د. أحمد مكي الأنصاري من خصائصه التعبيرية التي جاءت في كثير من مؤلفاته. وأشار غيره إليها بأنها: (حكمٌ لطيفٌ عُرِف به الفراء)، ونعني بها قوله : (أحبُّ إليَّ)، و(أعجبُّ إليَّ)، و (لا أشتهيها) ونحوها. وقد وردت هذه الألفاظ في قرابة الخمسين موضعا، وفي أغلب هذه المواضع لم يلق الفراء أحكامه الذوقية على عواهنها بل استند فيها إلى مسوغات واضحة جلية، وفي مواضع قليلة استند إلى مسوغات خفية ولكن القارئ يستطيع استشفافها بسهولة ويسر.