ملخص الدراسة:

أسفرت كارثة نكبة عام 1948 التي حلّت بالشعب الفلسطيني عن أحلك مرحلة مرّت في حياة العرب، إذ انكشف الأمر عن ضياع فلسطين وتشريد أهلها في مختلف البلدان العربية هروباً من المذابح ويد البطش الصهيونية، حيث إن الظروف السياسية والاجتماعية والثقافية دفعت الفلسطينيين إلى خارج الوطن الأم في حال شديدة التعقيد خلال رحلة الشتات الفلسطينية المستمرة. لقد فجّرت مأساة النكبة عواطف الشعراء عرباً وفلسطينيين وأضرمت أحاسيسهم وألهبتها، فامتلأت قصائدهم بالغضب والحزن، وبكى الشعراء فلسطين ومقدساتها وأمجادها. إن النزوح يعد محوراً أساسياً من محاور الشعر الفلسطيني، وقد صاغه شعراء عصره وصوّروا فصولاً طويلةً من النفي والتهجير والاغتراب، وصوّروا تواصل أبواب المقاومة الفلسطينية لاسترجاع الحق المسلوب، وبيّنوا استمرار النبض الفلسطيني المطالب بحق العودة إلى فلسطين. والمقصود بالمنفى في هذا البحث هو المنفى القسري الإجباري الذي أرغم عليه الفلسطيني لا الاختياري الذي يسعى فيه المرء دون إكراه؛ رغبةً في الرزق أو العلم أو حب الارتحال، والقسر هنا لا يتطلب التهجير المباشر، وإنما يقصد به النفي القسري حتى لو كان بالاختيار، ذلك النفي الذي يحدث نتيجة الخوف الكبير من المحاسبة والاضطهاد مثل حالة محمود درويش وعزمي بشارة وغيرهم، أو الخوف من القدرة على استكمال مشاريع التعليم أو العمل في الخارج مما يؤدي إلى سحب الهويات والحرمان من الجنسية. ولقد تناولت الكثير من الأبحاث السابقة الشعر الفلسطيني بشكل عام، ولكننا ندرس اليوم شعر المنفى عند مجموعة من الشعراء الوطنيين وأخرى من الإسلاميين لمعرفة الموضوعات التي تناولوها والفكر الذي بني عليه ذلك التناول، حيث تهتم هذه الدراسة بمحاولة الكشف عن مجموعة من الصفات والخصائص التي تميّز بها شعر المنفى الفلسطيني والكشف عن ملامحه وأبرز معالمه. وقد تناولت بالدراسة مجموعة من شعراء المنفى الوطنيين أمثال الشاعر محمود درويش، والشاعر مريد البرغوثي، والشاعر معين بسيسو، والشاعر هارون هاشم رشيد، والشاعر أحمد دحبور، ومن شعراء الاتجاه الإسلامي الشاعر محمود مفلح، والشاعر عبد الغني التميمي، والشاعر خميس لطفي، والشاعرة مريم العموري، والشاعر سمير عطية. فمن هؤلاء الشعراء من عاش النكبة وأحداثها من نزوح وهجرة، ومنهم من ولد في الغربة ولم يعرف الوطن إلا من خلال حكايات الأهل، ومن مشاهدته له على الشاشة الصغيرة، فكان الوطن لديه الحلم الذي لا يتحقق، ومنهم من لم يعد أبداً، ومنهم من عاد ليتكسر حلمه على واقع الاحتلال وتقسيم الوطن. وتتبلور لدينا حدود الدراسة لشعر المنفى، فلا تدخل فيها دراسة الشعر في داخل الوطن سواء قبل النكبة وبعدها أو بعد اتفاق أوسلو، ونحدد هذا التاريخ لأن الكثير من الشعراء قد عادوا إلى الوطن عودة نسبية بعد أوسلو وبقوا فيه، لذلك تخرج من الدراسة أشعارهم داخل الوطن على أي حال، فالمنفى لدينا منفى خارجي، يقصد به الخروج من الوطن، وليس بمعنى الاغتراب أو المنفى الداخلي. وقد أفادت الدراسة من جملة من المراجع منها دواوين الشعراء موضوع الدراسة وبعض المراجع الأدبية والفنية منها: كتاب مميزات الشعر الإسلامي وخصائصه الفنية للدكتور: جميل الحمداوي، وكتاب الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث للدكتورة بشرى موسى صالح، وعناصر الإبداع الفني في شعر أحمد مطر للدكتور كمال غنيم، وكتاب الشعر العربي المعاصر: قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية للدكتور عز الدين إسماعيل، وغيرها من الكتب القيمة، كما أفادت الدراسة من بعض المراجع الإلكترونية التي تكلمت عن المنفى كالمجلات والمنتديات. وتعتمد هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي وهي تهتم بإبراز المظاهر الجمالية للنصوص الشعرية. وتحتوي على مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة، تحدثت في الفصل الأول عن المنفى ومفهومه في اللغة والاصطلاح، وأقسام المنفى، وأدب المنفى وصولا إلى مفهوم خاص بالمنفى الفلسطيني. أما الفصل الثاني فقد تضمّن الاتجاهات الفكرية لشعر المنفى وقضاياه، وتحدث عن الاتجاه الوطني والاتجاه الإسلامي، أما المضامين التي انطوى عليها الشعر في البحث فقد دارت حول الاتجاه السياسي، والاتجاه الاجتماعي، والاتجاه الإنساني، والوجداني. أما الفصل الثالث والأخير فقد تناولت فيه الدراسة الفنية لشعر المنفى من لغة وصورة وتناص ومفارقة وبناء فني. وختمت الدراسة بخاتمة تضمّنت أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة.

توثيق المرجعي (APA)

ريان, وداد محمد عبد القادر (2013). شعر المنفى الفلسطيني بين الفكر والفن. الجامعة الإسلامية - غزة. 17147