ملخص الدراسة:

الحمد لله الذي علم بالقلم, علم الإنسان ما لم يعلم, والصلاة والسلام على معلم الإنسانية, وهادي البشرية الأمين محمد – صلى الله عليه وسلم –, عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه أفضل الصلاة وأتم التسليم... وبعد: يشكل موضوع الحروب الصليبية, وما نتج عنها من علاقات بين الشرق الإسلامي والغرب الأوروبي أهمية كبيرة في التاريخ الإسلامي, إذ أن الحروب الصليبية شكلت جزءاً مهماً من تاريخ العصور الوسطى في الشرق والغرب على حدٍ سواء, ومثّلت تلك الحروب حلقة من حلقات الصراع التقليدي المرير بين الشرق والغرب, إلا أنها تميزت باستغلالها للدافع الديني لتحقيق أهدافها الاستعمارية في الشرق الإسلامي. لقد كان من الطبيعي أن تنشأ علاقات سياسية وعسكرية بين الصليبيين وبين القوى الإسلامية في بلاد الشام, باعتبارها المسرح الرئيسي لأحداث الحروب الصليبية, وتمثل العلاقات بين الصليبيين والفاطميين أهمية كبيرة في التاريخ الإسلامي, وذلك لأن طبيعة تلك العلاقات اختلفت كثيراً عن موقف القوى الإسلامية الأخرى من الصليبيين الغزاة. إن الأهداف التي أقام من أجلها الفاطميون علاقات حسنة مع الصليبيين خلال الحروب الصليبية, كانت تختلف عن أهداف القوى الإسلامية الأخرى التي كانت تبذل كل جهدها من أجل التصدي للصليبيين مطلع دخولهم آسيا الصغرى وأجزاء من بلاد الشام, والدراسة التي بين أيدينا توضح أهداف السياسة الفاطمية تجاه الصليبيين, وموقف الصليبيين من تلك السياسة, والعلاقات التي دارت بين الطرفين. إن العلاقات التي سادت بين الفاطميين والصليبيين فترة الحروب الصليبية كانت غير واضحة المعالم والأهداف بالنسبة للكثيرين, كما أنها مبعثرة بين ثنايا الكتب, لا يجمعها كتاب واحد, فكان لابد من جمعها ودراستها دراسة تاريخية تحليلية توافقاً مع المنهج التاريخي السليم. وقد اقتضت طبيعة دراسة الموضوع تقسيمه إلى مقدمة وأربعة فصول وخاتمة؛ اشتملت المقدمة على دراسة نقدية لأهم المصادر والمراجع التي تم الاعتماد عليها في موضوع الدراسة. لقد كانت ساحة الصراع الإسلامي الصليبي تتمثل بشكل أساسي في بلاد الشام؛ ولذلك كان لابد من الحديث عن تلك البقعة الجغرافية قبل الاحتلال الصليبي لها, ولذلك فقد كان الفصل الأول بعنوان " أوضاع الدولة الفاطمية قبيل الحروب الصليبية في مصر وبلاد الشام", حيث كانت بلاد الشام في معظمها تخضع تحت سيطرة الفاطميين. وكان من الضروري عند دراسة الدولة الفاطمية التطرق إلى نسبهم, بسبب اختلاف المؤرخين حول صحة ذلك النسب, ولذلك عكف الباحث على تناول نسبهم وأصلهم بشيء من الإيجاز والتمحيص في آنٍ واحد, وهذا هو موضوع المبحث الأول الذي يشمل أيضاً ظهور الخلافة الفاطمية بالمغرب, ثم انتقالها إلى مصر, وسيطرتها على بلاد الشام.

توثيق المرجعي (APA)

طاعة, امجد حافظ حسين (2012). العلاقات السياسية والعسكرية بين الفاطميين والصليبيين في مصر وبلاد الشام (491-570هـ/1098-1173م). الجامعة الإسلامية - غزة. 17803