ملخص الدراسة:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهديه الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. و بعد... إنَّ واقعَ الناسِ مع تزايدهم واختلاطِهم ببعضهم البعض واشتراكهم في أمورِ الحياةِ لاسيما في السكن لما له من تأثيرِ كبيرِ على البُعدِ الإنسانيّ والاجتماعيّ، فقد اهتمَ القرآنُ الكريمُ اهتماماً بالغاً بحقِ الجيرةِ ونبّهَ المسلمين إليها وشددَ على احترامِ حقوقِ الجيرانِ بلا استثناء، أياً كانَ منزلةَ هذا الجارِ وعلى اختلافِ دينه وجنسه قالَ تعالى: [وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ] هذا وقد أكدت السنةُ النبويةُ الشريفةُ، على احترامِ الجارِ قال صلى الله عليه وسلم "مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ". فإنَّ غايةَ التشريعِ الإسلاميِّ هي تحقيقُ مصالحِ العبادِ وسعادةُ البشريةِ في الدارين، ولقد ثبتَ بالاستقراءِ أنَّ الأحكامَ جاءت معللةٌ لمصالحِ العبادِ تفضُّلاً وإحساناً. فالشريعةُ الاسلاميةُ سمحةٌ عدلةٌ كلُّها، ومتوازنةٌ في إقامةِ حقوقِ العبادِ وواجباتِهم ونفي الضررِ عنهم، حيث نَظَمت علاقاتُ الناسِ بعضهم ببعضٍ لاسيما فيما يخصُّ أموَر معاملاتِهم ومعايشِهم. وما يشهدهُ العالمُ الآن من تشييد البناء العمراني ولجوء الناس –لاكتظاظهم- بالسكن في العمارات والأبراجِ السكنية، مما قد ينجمُ عنه من الاختلافات والتساؤلات حول الأحكام الشرعية التي تضبط علاقات السكان، تلكمُ المباني المشتركة وما يتفرع عنها من حقوق وواجبات بينهم. وقد تحدث فقهاؤنا من السلف الصالح عن كثير من أحكام المرافق المشتركة وأحكامها؛ لكن ونظراً للتطورات الكبيرة في المباني وتعقيدات ظروف السكن والتداخل والاشتراك الكبير في المرافق والخدمات، وظهور صور متنوعة لتلك المرافق والحقوق المشتركة فقد اقتضى الأمر بيان أحكام هذه المستجدات لتكلمُ الأحكام للمرافق المشتركة في المباني السكنية بصورها المختلفة، ومن هنا كانت فكرة كتابة هذا البحث والذي حاولتُ فيه بيان هذه الأحكام وفق النظرة الشرعية وعنونته بــــ" أحكام المرافق المشتركة في المباني السكنية" وإنني إذ أكتب في هذا الموضوع أسال الله جل جلاله أن أكون قد وُفقت في كتابتي وقدمتُ شيئاً جديداً لكل من يقرأ هذا البحث أو يسأل عن أحكام هذه المسائل. كما وأسأله سبحانه أن يرزقني الإخلاص في كتابة هذا البحث، وأن يبارك في الجهود والأوقات والأعمال وهو ولي ذلك والقادر عليه.

توثيق المرجعي (APA)