ملخص الدراسة:

الحمد لله وكفى والصلاة على المصطفى محمد بن عبد الله، رسولنا رمز الوفا، وبعد... إن من أهم ما يميز شريعتنا الإسلامية الغراء اهتمامها بمصالح العباد، بل هدف الشريعة ومجيئها من أجل ذلك. والاجتهاد المقاصدي انطلق من هذا الأصل، وهو رعاية مصالح العباد؛ لأن منطق التشريع وجوهره وروحه وفلسفته نطق بذلك. وبحثي تناول موضوعاً أصولياً هاماً، احتاج مني أن أطرق بابه وأبرزه بصورته الهادفة التي غبَّرها الجهل والغفلة والمغرضون الذين يطعنون في شريعتنا الغراء. وموضوعي هو: " الاجتهاد المقاصدي في عصر الخلفاء الراشدين " وتحدثت فيه_في البداية -عن الاجتهاد وشروطه ومجالاته. ومن ثم وضح البحث مفهوم الاجتهاد المقاصدي وحجيته من القرآن والسنة وفعل الصحابة والمعقول، ثم تناول أهمية الاجتهاد المقاصدي في الحكم على الوقائع؛ حيث من خلاله يمكن فهم نصوص الشريعة فهما دقيقاً عميقاً وفقاً لمقاصد الشريعة، ويمكن من خلاله الترجيح أو التوفيق بين الأدلة المتعارضة والحكم على الوقائع والمستجدات، مع مراعاة المكان والزمان لتحقيق نظرة متوازنة معتدلة للأحكام. كما بين البحث منهج الاجتهاد المقاصدي عند الخلفاء الراشدين في التعامل مع النص، ووضح هذا وبيَّن أن الخلفاء الراشدين كانوا ممن يملكون نظرة ثاقبة تسبر أعماق النصوص لتصل إلى الفهم السليم من خلال المقصد الواضح، واهتموا أيضاً باللغة لأنها أساس هذا الفهم مع مراعاة أسباب النزول والورود. أما منهجهم في الاجتهاد المقاصدي في التعامل مع الأدلة الأخرى فكان الاجتهاد المقاصدي سنداً وسبباً لكثير من الأدلة، مثل: إجماعهم في بعض المسائل كان مستنده الاجتهاد المقاصدي، وعملهم بالقياس بناءً على نظرتهم المقاصدية، وأخذهم بالمصلحة فهي غايته، واعتمادهم سد الذرائع والقرينة القاطعة، مع مراعاتهم للعرف، كل ذلك كان الاجتهاد المقاصدي سبباً فيه وسنداً له. وعالج البحث نظرة دقيقة بعيدة المدى للاجتهاد المقاصدي، بعد أن كانت العقول عاجزة عن حل بعض المعضلات، فظهر أن الاجتهاد المقاصدي يلعب دوراً مهماً في الحكم على الوسائل الخادمة للعقيدة وللعبادات وبعض كيفيات المعاملات والتصرفات السياسية والنوازل الاضطرارية والمسائل المتعارضة وعموم الظنيات، فعالجها معالجة دقيقة بنظرة عميقة وواعية. ومن ثم تكلم هذا البحث عن تطبيقات للاجتهاد المقاصدي في عصر الخلفاء الراشدين مغزاها وهدفها: "هيا بنا نحو حل معضلات الواقع المعاصر بنظرة عميقة".

توثيق المرجعي (APA)