ملخص الدراسة:

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمداً ﷺ عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله. وبعد: فإن المصارف عبارة عن مؤسسات مالية، تهدف إلى تحقيق الربح، وذلك من خلال جذب الموارد المالية، واستقطاب الودائع والمدخرات من أفراد المجتمع، وتوظيفها توظيفا ًفعالاً، يضمن تحقيق النمو والزيادة في رأس المال. فالمصارف التقليدية هي عبارة عن مؤسسات للوساطة المالية يرتكز عملها على الاتجار بالنقود وذلك من خلال عمليتي الإقراض والاقتراض، فهي تقترض الأموال من المودعين بمعدل فائدة معين، ثم تقرض هذه الأموال بمعدل فائدة أعلى، والفرق في معدل الفائدة بين الإقراض والاقتراض يمثل الربح، وكلما تعاظمت عمليتي الإقراض والاقتراض كلما تعاظم الربح. بينما المصارف الإسلامية -التي تجسد مبادئ الإسلام وقيمه -تستهدف تحقيق الربح من خلال إدارة المال وتوظيفه في إطار الأحكام المستقرة للشريعة الإسلامية، وبما يخدم الأمة ويحقق التنمية الاقتصادية، وذلك من خلال تقديم وتسويق منتجات مصرفية متنوعة قائمة على أساس المشاركة في الربح والخسارة. وبالتالي فإن طبيعة العمل المصرفي قائمة على تحقيق الأرباح للمودعين والمستثمرين، الأمر الذي لا يتفق مع الاقتصار على أخذ التكلفة الفعليةللخدمات والمنتجات المصرفية، فالمصرف حتى يحقق الأرباح المرجوة لا بد من أخذ التكلفة الفعلية مضافاً إليها قدراً زائداً يمثل الربح. وفي نفس الوقت هناك بعض المعاملات والخدمات المصرفية التي لا يجوز للمصرف الاسلامي أن يتقاضى عليها ربحاً، ومن ذلك القرض، وتقديم الائتمان، وغير ذلك من الخدمات، ومن هنا كانت الحاجة ماسة لتفعيل مبدأ أخذ التكلفة الفعلية، ليغطي المصرف ما تحمله من أجور وتكاليف ودراسات لإتمام وتقديم هذه الخدمات. وأمام هذا التعارض بين الطبيعة المصرفية التي تهدف إلى الربح وبين هذه الخدمات المهمة، ظهر تحدٍ أمام العلماء والباحثين في شئون المصارف الإسلامية، أدى إلى اختلاف كبير، فمن العلماء من أدخل تحت هذا المبدأ صوراً ليست منه، فأرهق المصارف الإسلامية التي تمثل الأمل للأمة الإسلامية في الخروج من نفق النظام الربوي المظلم، ومن العلماء من دفعه ورعه وخوفه من الربا إلى القول بحرمة أخذ التكلفة أصلاً، فأوقع المصارف الإسلامية في خسائر قد يكون هناك مخرج فقهي لتجنبها، ومنهم من وجد تخريجات وتكييفات فقهية أخرى - في بعض الصور - جعلت أخذ التكلفة الفعلية وقدراً زائداً عليها أمراً مباحاً ومُبَرراً شرعاً. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن حساب التكلفة الفعلية أمر شائك، وذلك لأنه يدخل في حسابها عوامل كثير، واعتبارات عديدة، لذلك تباينت المصارف الإسلامية في تقديرها، الأمر الذي أوقع المصارف في حرج، وأوقع العملاء في حيرة. لذلك كان هذا البحث لدراسة هذا المبدأ، وتطبيقاته في المصارف الإسلامية.

توثيق المرجعي (APA)