ملخص الدراسة:

الحمد لله الذي نزل الفرقان، فيه تفصيل لكل شيء وتبيان، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على من جاء بالشرعة الكاملة الممتدة على طول الزمان، المستوعبة لكل ما استجد وكان، والموفية بحاجات الناس في مختلف العصور والأزمان، وفي التاريخ خير شاهد على ذلك وأصدق برهان، وبعد : فقد شهدت المعاملات الاقتصادية في الآونة الأخيرة اتساعا مذهلا وتطورا كبيرا ألقى بظلاله على العالم كله بما فيه العالم الإسلامي، إلا أن هذه المعاملات تأثرت بالبيئة الغربية التي وجدت فيها، فجاءت عارية عن المبادئ ومتجردة عن الأخلاق، ولا أدل على ذلك من أن الربا مثل العمود الفقري والعصب الحي لهذه المعاملات. وبإزاء ذلك، فقد انقسم الفقهاء المعاصرون تجاه هذه المعاملات إلى فريقين: فريق نظر إلى ما يكتنف هذه المعاملات من مخالفات شرعية، فأراد منعها جملة وتفصيلا، غير أنهم لم يفلحوا، فقد أضحت هذه المعاملات جزءا من حياة الناس، وحاجة تزداد أهميتها يوما بعد يوم. وأما الفريق الثاني من الفقهاء المعاصرين، فقد ارتأوا أن في الجمود ورفض كل جديد تجن على الشريعة وإجحاف بحقها، فإن من نظر في التراث الفقهي خلال أربعة عشر قرنا، وجد أن التطوير والنمو عمليتان متلازمتان، وقد قال القرافي: "الجمود على المنقولات أبدا، ضلال في الدين، وجهل بمقاصد علماء المسلمين، والسلف الماضين". فعملوا على إيجاد المعاملة الاقتصادية البديلة، والتي تجمع بين الصورة المعاصرة للمعاملة وبين الانضباط بالمبادئ الإسلامية الأصيلة، وقد كان هذا الطريق بمثابة اللبنة الأولى في بناء اقتصاد إسلامي بديل. وموضوع هذه الدراسة يعنى بركيزة من أهم ركائز الاقتصاد الإسلامي البديل ، ألا وهي العقود الآجلة، وذلك ببيان مشروعيتها العامة، يليه مناقشة كل عقد من هذه العقود في مسألة فقهية مستقلة، ثم تحديد المخاطر التي قد تنتج عن استخدام هذه المعاملات سواء من الناحية الاقتصادية أو الأخلاقية وطرق معالجة هذه الأخطار. وقد تحريت في ذلك الصواب والإنصاف ما استطعت، مستمدا العون والتوفيق من الله، فما كان من الصواب فمن الله، وما كان من الخطأ والزلل فمني ومن الشيطان، وأسأل الله العفو والغفران.

توثيق المرجعي (APA)