ملخص الدراسة:

الحمد لله الذي أكمل لنا ديننا, وأتم علينا نعمته, ورضي لنا الإسلام ديناً, الحمد لله حمداً كثيراً طيباً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه, خلق الإنسان في أحسن تقويم, وعلمه ما لم يكن يعلم, والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وقائد الغر الميامين, سيدنا محمد النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين...... أما بعد: لقد اهتمت البشرية منذ فجر التاريخ بالأنساب اهتماماً بالغاً, وأولته عنايةً خاصة, فبات ثابتاً عند جميع الأمم أن حفظ الأنساب من أهم دعائم قيام الحياة الإنسانية والاجتماعية وضمان استقرارها ونقائها وطهارتها, وفي المقابل فإن ضياع الأنساب فيه انحراف عن قواعد الفطرة السليمة وإهدار لقيمة الحياة الإنسانية, والتفريط في حفظ الأنساب لا يكون إلا في المجتمعات التي استشرى فيها الانحلال الأخلاقي, وتغلغل فيها الفساد ليطال اللبنة الأساسية في المجتمع وهي الأسرة. ولما كانت رابطة النسب أسمى الروابط الإنسانية, فقد اهتمت بها الشريعة الإسلامية اهتماماً فائقاً حفظاً ووقايةً وحمايةً وعلاجاً, ومنع الشارع الحكيم كل ما يؤدي إلى خلط الأنساب أو المساس بها, وتشوف دوماً إلى إثباتها لأصحابها, باعتبارها حق مصان ومقرر لهم من الله تعالى, فحفظ النسب أو النسل هو أحد المقاصد الخمسة الكلية الضرورية التي جاءت الشريعة الإسلامية بحفظها, وحرصاً من الشارع الحكيم على الأنساب فقد رَغب في كل فضيلة ورَهب من كل رذيلة, مما رعى الأنساب وحافظ عليها إلى يومنا هذا. وإذا كانت الشريعة الإسلامية حافظت على النسب حفاظاً قوياً وأحاطته بسياج منيع وبنته على دعائم قوية واضحة الأسس والمعالم, فإنها في المقابل حافظت على الحق في نفيه متى قامت الأدلة النافية له, حرصاً من الشارع الحكيم على أن لا يتفشى في المجتمع الفساد, وأن لا يدخل في نسب الرجل من ليس منه, كما أن في نفي الولد في حالة الضرورة قطعاً لدابر الشك ومنعاً للجريمة بالقدر المستطاع, وذلك لأن الأنساب في الشريعة مبنية على الاحتياط والحذر. وهناك حقائق ثابتة إذا تعارض معها النسب انتفى كولادة الزوجة لأقل من ستة أشهر من الزواج, وغير ذلك من الأمور التي تقدح في إثبات النسب, وفي ضوء المستجدات العلمية المعاصرة فقد وضعنا العلم أمام معطيات وحقائق لها آثار ودلالات قوية في مجال نفي النسب, فقد تمكن العلماء من اكتشاف المادة الوراثية (DNA) والتعرف على أسرارها وكيفية انتقال الصفات الوراثية من الآباء إلى الأبناء. وفي ظل التطور العلمي والطبي الذي شهده العالم في الآونة الأخيرة فقد قام علم الوراثة بدور بارز في مجال نفي النسب فاستجدت قضايا استدعت من العلماء الوقوف عندها لبيان حكمها وفق منهج الشريعة الإسلامية. ومن هنا فإن هذا البحث يدرس بعض القضايا المتعلقة بقوادح النسب في ضوء علم الوراثة المعاصر, سواء كان من الناحية الفقهية أو من الناحية العلمية المعاصرة كنفي النسب بواسطة فصيلة الدم, أو نفيه بواسطة البصمة الوراثية, وذلك مساهمةً مني في بيان حكم الشريعة الإسلامية, وخدمةً للإسلام والمسلمين, وهو تحت عنوان: (قوادح النسب في ضوء علم الوراثة المعاصر).

توثيق المرجعي (APA)