التدرج في تطبيق العقوبة والآثار المترتبة عليه “في الفقه الإسلامي” pdf
ملخص الدراسة:
الحمد لله الذي أكرمنا بشريعة سمحة وميسرة حمداً كثيراً طيباً مباركاً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه, والصلاة والسلام على هادي البشرية, ومنقذ الإنسانية من الضلال والضياع المبعوث رحمةً للعالمين, عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم, وبعد... تميزت الشريعة الإسلامية الغرَّاء عن غيرها من الشرائع بأن كتب لها الخلود, والذي يضفي عليها صفة الخلود لا أقول كما هو المعتاد أنها صالحة لكل زمان ومكان؛ بل إن الزمان والمكان لا يصلحان إلا مع وجود الإسلام بتطبيق تعاليمه وأحكامه العادلة. ويعتبر التدرج منهجاً وسنة؛ بل هو أساس هذه الشريعة, حيث إنه ينسجم انسجاماً تاماً مع روح الشريعة الإسلامية, محال أن تأتي أي شريعة بمثل هذا المنهج المتين الدقيق, فبذلك تكون الشريعة الإسلامية أول وآخر من أتى بهذا المنهج السليم والقويم. فكان من قمة سمو الشريعة الإسلامية العادلة أنها جاءت وما زالت ترتقي بالإنسان خطوة خطوة, ودرجة درجة, فهذا الرُقي متمثلاً في انتقال الإنسان من الشر والجهل إلي الخير والعلم, ومن الظلمات إلي النور, فلا يتحقق ذلك إلا من خلال التدرج, فهذا هو المنهج الذي يتناسب مع الفطرة البشرية ويوافقها كل التوافق. فإن تطبيق هذا المبدأ الأساسي من خلاله يمكننا المحافظة على المظلة العظمى للإسلام المتمثلة بالمقاصد, حيث إن أسمى مقاصد الإسلام هي الحِفاظ على الأحكام الشرعية والحِفاظ على كيان الإسلام العظيم, وهذا لا يمكن تحقيقه في ظل مجتمع بعيد عن الإسلام إلا من خلال التدرج في تطبيق أحكامه. فالتدرج إذاً ضرورة اقتضتها تلك التركة المثقلة بالهموم والغموض والضغوط, ولولاها لكان التطبيق السريع أمراً لازماً لا مفر منه ولا محيد عنه. وإذا ما تحدثنا عن نظام العقوبات في الفقه الإسلامي من قصاص وحدود وتعازير؛ فإننا نتحدث عن جزء جُعل لكي لا يطبق إلا في حالات استثنائية ونادرة, بدليل أن التشريع الإسلامي في بداية نزوله كان مهتم بغرس الأمور العقدية والتعبدية واهتم بنظام المعاملات والأحوال الشخصية, أما الأمور الجنائية فهي آخر ما نزل من التشريع الإسلامي, وأن الآيات القرآنية التي نزلت بهذا الشأن قليلة جداً لا تتجاوز العشر آيات في كتاب الله عز وجل مقارنة مع باقي الآيات التي تناولت تلك الأمور, وذلك يؤكد لنا أنه يجب علينا الاهتمام بتطبيق الأمور العقدية والتعبدية قبل الوصول لتطبيق الأحكام الجنائية هذا هو المقصود بالتدرج في تطبيق العقوبة. لذلك أولت الشريعة الإسلامية اهتماماً كبيراً لمنهج التدرج, وأحكامها شرعت بالتدرج, حتى في أدق جزئياتها وتفاصيلها, وهو كنوع من أنواع الرفق واللين واليسر, وكما نعلم ما كان الرفق في شيء إلا زانه, وما نزع الرفق من شيء إلا شآنه, ومصداقاً لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ}. وهذا المبدأ الأساسي في الشريعة الإسلامية له الآثار القوية التي تؤدي إلي التطبيق الدقيق للأحكام الشرعية, ومن ضمن ذلك الأحكام المتعلقة بالعقوبة, التدرج في العقوبة, فهو يحقق مقاصد سامية وأغراض قوية, فهذا يرسخ مبادئ متينة, وآثار إيجابية وفعاّلة, تبقى ثابتة على مر العصور, بخلاف الأحكام التي تنزل دفعة واحدة التي تتنافى مع الطبيعة البشرية والفطرة الإنسانية, حيث إنها تحمل طابع التكلفة والغلظة والتشديد, خلافاً لما جاءت به الشريعة الإسلامية المنصفة من جعل التدرج مبدأ أصيلاً لها, وهذا لا يدلل إلا على شفافية التشريع الإسلامي. ومن هنا جاء هذا البحث ليسلط الضوء على "التدرج في العقوبة والآثار المترتبة عليه"؛ بحيث إنه يحمل في طياته ما يتعلق بالتأصيل الشرعي للتدرج, وذلك من خلال توضيح حقيقة التدرج, ومن ثَمّ بيان مجالاته وأنواعه, انتقالا إلى مقاصد التدرج في التشريع الإسلامي, ثم الانتقال إلى توضيح مفهوم التدرج في العقوبة وذلك من خلال بيان حقيقة العقوبة, ومشروعية وضوابط تدرج العقوبة في الإسلام, وصولاً إلى مقاصد التدرج في العقوبة, ثم الوقوف على الآثار المترتبة على التدرج في العقوبة, المتمثلة في الآثار المترتبة على التدرج في عقوبات القصاص, وعقوبات الحدود, وعقوبات التعازير, وصولاً إلي قيمة التدرج في تطبيق العقوبة في زمننا المعاصر.
توثيق المرجعي (APA)
خصائص الدراسة
-
المؤلف
العكة, سوسن سامي محمود
-
سنة النشر
2013
-
الناشر:
الجامعة الإسلامية - غزة
-
المصدر:
المستودع الرقمي للجامعة الإسلامية بغزة
-
نوع المحتوى:
رسالة ماجستير
-
اللغة:
العربية
-
محكمة:
نعم
-
الدولة:
فلسطين
-
النص:
دراسة كاملة
-
نوع الملف:
pdf