ملخص الدراسة:

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلاّ على الظالمين. وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً خاتم الأنبياء والمرسلين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على جميع الأنبياء والمرسلين وآلهم والحمد لله رب العالمين.. وبعد. الحمد لله الذي منَّ على هذه الأمة بخاتمة الشرائع والرسالات وأكملها وأحسنها لنا حيث يقول الله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً}، فالشريعة الإسلامية جاءت كاملة متكاملة ناسخة لما قبلها من الشرائع، حققت للبشرية حياة راغدة، حيث إنها تكفلت برعاية الإنسان من ولادته إلى وفاته، ورسمت له الطريق ووجهته حيث الوجهة الصحيحة، فأصبح المسلم يتمتع بكافة الحقوق لا كدر في حياته ولا عدوان على حقوقه وشبهته بالجسد الواحد مع إخوانه يحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه ويعامله كما يحب أن يعامل به ويصونه في عرضه وماله ونفسه، فالشريعة تميزت بإعداد النفوس وتربية الأفراد فربت في نفوسهم المثل العليا والفضائل والأخلاق، وابتغت العدل المطلق فنظرت إلى الفرد من خلال طبيعته البشرية، وعالجت الإنسان بحسب فطرته التي فطر عليها. والغاية من الشريعة أن يمارس كل إنسان حقه غير منقوص، ويحافظ بذلك على حقوق الآخرين، فأقامت الحدود وبينتها وتكفلت بوضع الضوابط لاكتسابها وممارستها والتصرف بها بحيث لا يطغى فرد على آخر، ولا يتجاوز الحدّ في حقه، وبذلك يعرف كل إنسان ما له وما عليه، فإذا ما تطاول أي إنسان على آخر فاعتدى عليه كان لابد إذاً من مؤدب ورقيب يعطي كل ذي حق حقه، فدعا الإسلام إلى إقامة الدولة وتنظيم القضاء مما يترتب عليه أن يُشرّع من الوسائل ما يحقق هذه الغاية فبيّن طرق حفظ هذه الحقوق ووسائل إثباتها أمام المحاكم لمعالجة هذه المشاكل. وبذلك فقد أحكم البناء وصانه من عبث العابثين، ووضع الدواء لكل داء فشرّع الحقوق وما يثبتها من البينات والشهادات وأرشد إلى السبيل القويم لحمايتها والحفاظ عليها فندب إلى كتابة العقود وتوثيق الديون وإقامة الشهادة خوفاً من الجحود والإنكار لتكون حجة دافعة عند الإنكار، حيث يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ...}، {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}، {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}، {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}.

توثيق المرجعي (APA)