ملخص الدراسة:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد... فإن الزكاة ركن عظيم من أركان هذا الدين، تبرز أهميتها بالإضافة إلى كونها أحد أركان الإسلام؛ فيما تكتنفه من حكم جليلة عظيمة؛ فهي منهج رباني قويم، وعدل سماوي رحيم، وتشريع إلهي حليم، فرضها الله تعالى طهرة لأنفس الأغنياء من الشح والبخل، وتزكية لأخلاقهم وتعويدهم البذل والإنفاق والمواساة، فرضها لإعانة الفقراء والمحتاجين، وكسر الفروق بين العالمين، وتقوية صفوف المسلمين بالمحبة والتواد والتعاطف والعطاء فيما بينهم. وقد توعد الله تعالى مانعيها بأليم العذاب يقول الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (*) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ﴾. ولأهميتها البالغة اهتم الفقهاء قديماً وحديثاً بهذا الركن الخصب، وأحاطوه بعناية فائقة، فاتجهت أقلامهم، وصوبت أفكارهم تجاهه؛ فبحثوا فروعه ومسائله، وبينوا أحكامه، من حيث الأموال التي تجب فيها الزكاة، وأنصبتها، ومقدار الواجب الذي يجب إخراجه، والجهات المستحقة، وكثير من المسائل. فكان لفقه الزكاة النصيب الأوفر في كتاباتهم وبحوثاتهم وندواتهم. وقد جدَّ في هذا العصر مسائل وقضايا لم تعرف سابقاً بصورتها الحاضرة، وتنوعت مصادر دخل الإنسان تنوعاً ملحوظاً، فظهر على إثره أموال عظيمة، كثرت التساؤلات حول وجوب تزكيتها، ومقدار زكاتها، وأنصبتها، وغير ذلك. ومن هذه الدخول ما يتميز بوضع الثبات غالباً؛ كالرواتب، ومكافآت نهاية الخدمة، والغلات الناشئة عن استثمارات الأصول الثابتة، وأشباهها من المستغلات، والتي تمثل غالب دخول الأفراد في المجتمع، ويعتبر ملاكها من أغنياء الدولة. فهذه جملة من الأموال الحادثة، يحتاج فعلاً إلى البحث عن تكييفها، والخوض في غمارها، والتجوال في كتب ومؤلفات العلماء.

توثيق المرجعي (APA)