ملخص الدراسة:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وبعد: بعث الله تعالى نبيه محمدr برسالته الخالدة للبشرية؛ ليأخذ بيد الإنسان إلى درب الخير والصلاح، ولكي لا يتركه هائما في الحياة؛ أرسى له قواعد الدين، وبيّن أركانه، وأجزاءه؛ ليسير عليها وفق ملامحها العامة، وترك فروعه مرنة، تدور مع مصلحة الإنسان وجوداً وعدماً، وتعتبر عبادة الزكاة إحدى دعائم الإسلام التي أرسى قواعدها العامة، وتكفّل الله Y أمرها بنفسه توجيها للحق إلى أهله، وصونا له من الضياع. وتتميز الزكاة بالإضافة إلى كونها ثالث أركان الإسلام، بأنها أداة اقتصادية فعّالة تساهم في تغيير الأوضاع الاقتصادية، ودفع عجلتها إلى الأمام، ولا يخفى دور الزكاة على مرّ العصور، فكانت أشبه بسفينة تُقلّ الفقراء، والمعوزين، وتخرج بهم إلى شاطئ الحياة الكريمة، ورغد العيش. وما أحوج المسلمين اليوم إلى هذه السفينة؛ لتقلهم من الفقر، والعوز، إلى الغنى، ورغد العيش، فواقع المسلمين اليوم واقع أليم لمن ينظر فيه، فالحقيقة أن الدول الإسلامية دول متأخرة في جميع المجالات، ولا يكاد يسمع صداها في العالم؛ وربما يعود ذلك إلى تدهور أحوالها في شتى الميادين، ولا سيما الاقتصادية منها. ولذلك ظهرت فكرة تنمية أموال الزكاة، وهذه الفكرة ما كانت إلا لعجز الزكاة عن أداء دورها الطبيعي، وتحقيق الغايات التي كانت لأجلها، من سد خلة المحتاجين، و قضاء حاجة المعوزين؛ وقد يعود ذلك لأسباب عديدة كقلة أموال الزكاة لشح الناس، وبخلهم، أو كثرة المستحقين لها، أو ربما لتطور الحياة، وتنوع الحاجات وارتفاع أسعارها. وعلى أي سبب كان منشأ فكرة تنمية أموال الزكاة، فحقيقتها تفعيل دور الزكاة في المجتمع، والنهوض بهذه العبادة العظيمة لترتقي في خدماتها للفقراء، وأهلها على مستوى يناسب حداثة العصر، والزمان. وباعتبارها مسألة قديمة على صعيد الفرد المستحق، إلا أنها حديثة بالنسبة لجماعة المستحقين، فالزكاة ليست عبادة محضة، وإنما هي عبادة يدخل فيها الرأي والإجتهاد؛ تحقيقاً للمصالح ودرءاً للمفاسد، وباعتبارها مسألة قديمة في أصلها وهو تنمية مال الزكاة من قبل المستحق نفسه، إلا أنها حديثة بمعنى تنمية أموال الزكاة لمجموعة من المستحقين على أن يكون الملك شائعا بينهم، أو لا يكون أصلاً ويكون في يد الإمام أو من ينوب عنه. ولذلك اختلف العلماء المعاصرون في هذه المسألة بين مؤيد ومعارض، ومن هنا يكتسي البحث أهميته؛ فجاء لتحقيق المسألة وبيان موقف الفقه الاسلامي منها.

توثيق المرجعي (APA)