ملخص الدراسة:

فقد عني الإسلام بالعلم عناية عظيمة، ودعا الناس إلى طلبه ولو من أماكن بعيدة، فبين فضل العلماء على الجهلاء، ورفع منزلة الذين يعلمون عن غيرهم، وبين أنهم لا يستوون عند الله درجة، فقد قال تعالى: { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}. وقال أيضاً: { يَرْفَعِ اللهُ الْذِينَ ءَامَنُواْ مِنْكُمْ وَالْذِّينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ }. و كذلك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، النبي الأمي الذي علم العلماء، وتربى على يديه الصحابة الأجلاء رضي الله عنهم، وتتلمذ على هديه وسننه كبار الفقهاء، حثنا على طلب العلم في أحاديث كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: " ... وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الجَنَّةِ ... ". وبيّن عظم أجر طالب العلم ومعلمه فقال صلى الله عليه وسلم: " مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَنَا هَذَا لِيَتَعَلَّمَ خَيْراً، أَوْ يُعَلِّمَهُ، كَانَ كَالمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَنْ دَخَلَهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَانَ كَالنَّاظِرِ إِلَى مَا لَيْسَ لَهُ ". لذلك اجتهد الصحابة رضي الله عنهم والأئمة الأعلام، والذين ساروا على دربهم من العلماء الصالحين في تحصيل العلوم، فانتفعوا ونفعوا المسلمين أجمعين، فجزاهم الله عن هذه الأمة خير الجزاء، حيث أوصلوا إلينا هذا الدّين الذي يعتبر ميراث هذه الأمة عن نبيها صلى الله عليه وسلم. وإن من هؤلاء الأئمة الكرام، الإمام التابعي الجليل محمد بن شهاب الزهري ـ رحمه الله ـ وهو من كبار فقهاء التابعين ومحدثيهم، فقد أثرى ببصيرة قلبه، ونور عقله، ورجاحة رأيه الفقه الإسلامي، فكان من الأئمة البارزين الذين نقل عنهم العلماء آراءهم، واحتجوا بأحاديثهم، فقد نقل عن الإمام الزهري ـ رحمه الله ـ أئمة المذاهب الأربعة، وقد كانوا كثيراً ما يقولون: إنه ثقة وحجة، و أن مثله لا يكذّب، وأن حديثه لا يرد.

توثيق المرجعي (APA)