ملخص الدراسة:

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب، وفتح لنا سبل العلم والهداية ويسر لنا الأسباب، وأشهد أن لا إله إلا الله خالق الخلق ومسبب الأسباب، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خير نبي أرسل بخير كتاب، فصلِّ اللهم عليه وعلى أصحابه أولي النهى والألباب. أما بعد: فإن الفقه الإسلامي يعتبر من أهم العلوم الدينية التي تنظم حياة المسلم، وتجعله يعيش في ظل تعاليم الشريعة الإسلامية الغراء، ويعرف الحلال من الحرام. وذلك لأن الفقه يتميز عن غيره من القوانين الوضعية بأن مصدره وحي من الله تعالى المتمثل في القرآن الكريم والسنة النبوية، فهو شامل لكل متطلبات الحياة يتأثر بقواعد الأخلاق وجميل العادات، ويراعي الفضيلة, ويحارب الرذيلة, ويقرر جزاءاً دنيوياً وأخروياً على المخالفات الشرعية, ويراعي مصلحة الفرد والجماعة دون أن تطغى واحدة على الأخرى، مع تقديم مصلحة الجماعة عند التعارض، وهو صالح للبقاء والنماء، فلا يقف جامداً أمام الحوادث والمستجدات. لهذا أفرغ العلماء وسعهم وجهدهم واستنفدوا طاقاتهم في سبيل الحفاظ عليه وتدوينه وصيانته، وهو بحاجة ماسة إلى كتابة حديثة تتناسب وطبيعة العصر الذي نعيشه ونحياه، تبسط ألفاظه، وتنظم موضوعاته ومفرداته، وتوضح مراميه وغاياته، وتربط اجتهاداته بالمصادر الأصيلة له، وتيسر على الباحث طريق الوصول إليه والاستفادة منه. وها نحن نتحدث عن موضوع من موضوعات هذا الفقه وهو التداوي، ومما لاشك فيه أن التداوي له اعتبار في الشريعة الإسلامية، بل ويعد مقوماً من مقومات الحياة. فإن للشريعة الإسلامية أهدافاً نبيلة، ومقاصد سامية، قد سعت إلى تحقيقها وإرسائها، وهى تتمثل في حفظ الضروريات الخمس؛ وهي: الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، فإن التداوي يحفظ النفس والعقل معاً. وإن ديننا الإسلامي يهتم بسلامة الأجسام، اهتمامه بسلامة النفوس والأرواح، وما كان الدين الإسلامي ليذر الأبدان بغير تشريع خاص، يقيها من العلل ويحفظها من الأسقام والأوجاع، بل ولم يترك شيئاً يمس كياننا، ويحفظ أبداننا إلا وبينه بياناً شاملاً، ومع ثبات الشريعة ومرونتها كان لنا أن نقف مع موضوع البحث والذي بعنوان التداوي بالمحرمات، وهذا ما سيظهر من خلال البحث إن شاء الله.

توثيق المرجعي (APA)