ملخص الدراسة:

حمدا لله على ما أَجزل من المنّة، ووهبَ من التّوفيق، وصلاةً وسلاماً مباركين، على أتمِّ رسله، وعلى آله الأطهار، وصحبه الأخيار، وبعد تعدّ اللّسانيّات الحاسوبيّة فرعاً من فروع اللّسانيّات التّطبيقيّة، بل لعلّها من أهمّ فروعها، وهو علم يبحث في كيفيّة الاستفادة بمختلف الطّرق من قدرات الحاسوب في تحليل اللّغة ومعالجتها وتعليمها وتعلّمها، ومحاكاة قدرة الإنسان في التّعامل مع اللّغة الطّبيعيّة. أمّا علم المعجم الحاسوبيّ فبدأ في البروز كمجال من مجالاتِ اللّسانيّات الحاسوبيّة حينما عقدت عدّة ورش عمل ومؤتمرات، وأجريت بحوث مشتركة تتحدّث عن أتْمَتَة المعجم والتّقييس المعجميّ، والمعاجم الإلكترونيّة، وذلك نتيجة تضخّم المادّة الّتي تعالجها. إنّ المشكلاتِ الّتي تُواجِهُها اللّغةُ العربيّة في العصر الحديث، ليست مشكلاتٍ نابعةً من اللّغةِ نفسها، بل هي مشكلاتٌ ثقافيّةٌ وعلميّة، متولّدةٌ من أحوالٍ وأوضاعٍ عالميّة، وفي طليعتِها العولمة. يَأتِي إدخالُ الحوسبةِ في خدمةِ اللّغةِ العربيّةِ من جوانبَ متعدّدةٍ في مقدّمة المهمّات العلميّة، المعاصِرة والملحّة؛ لتواكب لغتُنا التّطورَ التّقنيَّ العالميَّ المتسارع. ‏ إنّ مسعانا لمعالجة اللّغة بالتّقنيّات الحديثة ضرورة من ضرورات مواكبة التّطور المعرفيّ العالميّ، وإقرار اللّغة العربيّة حاملاً دقيقاً للبحوث العلميّة. وهذا يتطلّب منّا التزاماً حتميّاً بإيجاد تخطيط لغويّ يتيح للّغة العربيّة الوصول إلى شاطئ الأمان في عالم الغدّ. ولا شكّ أنّ الوسيلة المثلى للوصول إلى تخطيط علميّ للغتنا هي الإفادة من الحاسوب وعلومه الدّائم تطوّرها وجديدها. إنّ مشروعنا: "معجم محوسب لمعاني الأفعال الثّلاثيّة المجرّدة في اللّغة العربيّة"، ينتمي إلى هذا الميدان الحيويّ بالنّسبة للّغة العربيّة، وأداة فعّالة لإنجاز تطبيقاتٍ حاسوبيّةٍ عليها. ولنتذكّر، كم يلزم من الوقت والجهد للبحث عن كلماتٍ (ما)، في معجم لسان العرب أو تاج العروس أو غيرهما. لعلّه أصبح واضحاً، بناءً على ما سبق ذكره، أنّنا في أمسّ الحاجة إلى معجم عربيّ محوسب لمعاني مفردات اللّغة العربيّة، وفي مقدّمتها الأفعال، رغم ما يزخر به تراثنا القديم والحديث من معاجم للّغة العربيّة. يأتي جمع هذه الأفعال في معجم محوسب حاجة طبيعيّة وملحّة، متأتّية من حقيقة اللّغة، وغناها بالمفردات؛ وضرورة إنجاز مرجع يوثّقها، ويلقي الضّوء على ظلال أوجه استعمالاتها؛ لاسيّما معانيها المختلفة –الممكنة والمغايرة- ممّا يسمح لغير المتخصّص الوقوف على ما لم يحط به من أسرار هذا الجزء من اللّغة. إنّ مدلول الفعل أشدّ تشعّبا من معنى الاسم، فإن كان مرجع الاسم محدّدا بذاته؛ فإنّ تحديد مرجع الفعل يتضافر على صيغته، وما يتعلّق به من أسماء وحروف؛ فينتج عن ذلك فروع معنويّة لا يمكن تصوّرها. وأكثر ما يميّز الأفعال أنّها أبنية، يقول ابن القوطيّة: "اعلم أنّ الأفعال أصول مباني أكثر الكلام، وبذلك سمّتها العلماء أبنية، وبعلمها يستدل على أكثر علم القرآن والسّنة، وهي حركات متقضّيات".

توثيق المرجعي (APA)

دلول, ايمان صبحي سلمان (2014). معجم محوسب لمعاني الأفعال الثلاثية المجردة في اللغة العربية. الجامعة الإسلامية - غزة. 16587