ملخص الدراسة:

يرجح ظهور ملحمة جلجامش الى اكثر من ألف عام ق.م. فيما يعود ظهور انشودة رولان الى القرن الحادي عشر الميلادي، وبالرغم من التباعد الزمني بين هذين الأثرين الملحميين يمكن ان نلمح عناصر تماثل مشتركة بينهما لعل اهمها ثنائية البطولة في كليهما. والمتأمل في هاتين الملحمتين اللتين ظهرتا في حقب شفاهية يجدهما تتمحوران حول البحث عن الخلود بعد الموت ولكن وفق وجهات نظر متباينة، اذ اقتنع جلجامش بعبثية البحث هذه لأن الحياة فانية ولا وجود لحياة اخرى بعد الموت وليس من خيار امامه الا التمتع بهذه الحياة الى اقصى ما يستطيع ؛على عكس رولان المنتمي الى الديانة المسيحية التي تدعو الى تجنب الشر والرذيلة والى التضحية في سبيل الله وذلك للفوز بالحياة الآخرة. وفي كلتا الملحمتين يتقاسم البطولة ثنائي ذكوري، ففي ملحمة جلجامش ينهض بثنائية البطولة جلجامش وانكيدو وفيما ينهض في انشودة رولان رولان واوليفية إذ اقترن فيهما اسم جلجامش بانكيدو ورولان باوليفية فلم يكن بمقدورهما الأفتراق عن الآخر في الحياة وبعد الموت بحيث توحدا كتوأمين في ذاكرة المتلقي .فكل منهما يكمل صفات الآخر .ولولا وجودهما مع بعض لفقدت الملحمتين جوهرهما وتلاشت المتعة المكرسة للمتلقي . تتسم شخصيات الملحمتين بالبساطة وبسرعة الانفعال وبافتقارهما الى العمق النفسي. فبسبب كبرياء وغطرسة جلجامش ورولان وعنادهما, جردتهما الآلهة والأقدار من صاحبيهما ليواجها عواقب اعتدادهما المطلق بذاتهما حد العناد الأعمى فحكمت الآلهة على أنكيدو صاحب جلجامش بالموت وقتل صاحب رولان أوليفية الذي عرف بالحكمة والاعتدال المقرونين بالشجاعة وذلك باندحار جيش الافرنجة. وقد كان الاثنان أي أوليفية وأنكيدو لا يتوانيان عن تقديم النصح والمشورة لرفيقيهما كي لا يقدما على فعل خطير وليتخذا الحيطة والحذر حيال الأخطار المحدقة بهما. هذا وان مؤلفا الأثرين قد استخدما عنصر اثارة الشفقة مما جعل العملين أقرب الى التراجيديا منها الى الجنس الروائي. واذا ما تحددت مصائر الشخصيات في ملحمة جلجامش بفعل تدخل الآلهة فلقد اقتربت انشودة رولان من المعقولية اذ لم يتم فيها الدعاء والتضرغ الا الى الله الواحد الأحد عبر شخصية شارلمان الذي أنيطت به تنفيذ المهام الالهية. وفي كلا العملين تعرضت الشخصيات الى الغدر والخيانة اذ انتقمت عشتار من جلجامش وكذلك جانلون من رولان.