ملخص الدراسة:

يتناول البحث موقف الشيخ والمرجع(محمد حسين النائيني) من الثورة الدستورية في إيران ابتداء من سنة 1909-1911م,تلك الثورة التي أحدثت تحولا واضحا في الحياة السياسية والاجتماعية خاصة عندما دعت إلى تقييد سلطات الشاه في وقت دخلت فيه إيران في صراع واضح بين التراث والحداثة كانت الثورة الدستورية واحدة من نتائج ذلك الصراع . واجهت هذه الثورة ردود فعل عنيفة ليس في إيران حسب وإنما في النجف الأشرف عندما وقع جدل بشأنها أدى إلى انقسام صفوف المجتهدين بين رافض ومؤيد, تطور إلى بروز مدرستين متناقضتين بدت من خلالهما اتجاهات خطيرة قادت الأمة إلى الوقوف مع جانب ضد الجانب الآخر . كان المرجع(النائيني)من المؤيدين للدستور,وكان أحد أبرز أعضاء هيئة العلماء المؤيدين للدستور داعيا إلى إلغاء الاستبداد الديني والسياسي, وقد حفزّت أفكاره علماء الدين الشيعة إلى الخوض في الحياة السياسية ومطالبة الدول الاستعمارية بالانسحاب من البلدان التي احتلتها . فضلا عن ذلك استطاعت الثورة الدستورية بقيادة(النائيني)الانطلاق نحو التوفيق بين مبادئ الإسلام وبين ما كانت عليه المجتمعات الأوربية من تقدم في الميادين كافة مع تخلف البلاد الإسلامية, من خلال أسس دولة حديثة قائمة على أساس الربط بين الحضارة والبرلمان,حيث قدم مبدأ الممارسة السياسية الدستورية من وجهة نظر إسلامية . كما يعد كتابه(تنبيه الأمة وتنزيه الملة)أرقى مستوى في التنظير السياسي للثورة الدستورية الإيرانية(المشروطة) وهو كتاب في الفقه السياسي الإسلامي تضمن آراء جريئة تتعلق بحرية الصحافة والرأي العام وتعليم المرأة,ولذا فإن أفكاره التي وردت في الكتاب هي أفكار سياسية متناسقة يطرحها فقيه شيعي في مجال السياسة والحكم, ولاسيما عندما تحدّث عن اغتصاب السلطة من قبل الملوك وهو مخالف لمبادئ الإسلام, وأشار إلى الإرهاب وتطرق إلى الحكومة الإسلامية وعد الثورة الدستورية بديلا عن دولة الفقيه أو دولة المعصوم . وعلى الرغم من ذلك أحدث الكتاب ضجة بين صفوف علماء الدين والمثقفين في داخل إيران وخارجها,وعليه فإن فكر(النائيني) متميز عما سواه في طبيعة الاتجاه الذي تبناه والموقف العملي الذي سار عليه تاركا جرعة علمية جديدة في مجال الحكم والسياسة وخاصة تلك المتعلقة بالدين .