لقد عرفت الجزائر نهضة ثقافية ظهرت بوادرها منذ 1900م وكانت عاملاً في تشكيل الوعي والنضج السياسي لدى الجزائريين، وما يدل على فاعليتها هو ظهور تلك التيارات السياسية والإصلاحية التي تبلورت على شكل أحزاب ذات توجه سياسي وضعت أول حجر أساس لها مع الأمير خالد عام 1919م، وظهرت إلى جانبها جمعيات وحركات إصلاحية كان لها الأثر البالغ على الساحة الثقافية، وفي الواقع أن الفكر الاصلاحي فكر مشرقي الأصل جاء به الشيخ محمد عبده ووصل إلى الجزائر بوصول هذا الشيخ، وكذا التأثر بأفكار جمال الدين الأفغاني من خلال مؤلفه العروة الوثقى، ومن هنا ظهر مجموعة من المصلحين والمفكرين.
وبعيدا عن هذا وذاك تجلت في منطقة الزيبان نخبة صالحة شكلت حركة إصلاحية كان من شانها تقويم أوضاع البلاد والعباد وكان روادها يطمحون وقبل كل شيء إلى غاية مقدسة هي توعية الشعب بضرورة محاربة الاستعمار بالفكر باعتباره أق وى سلاح لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغير ما بأنفسهم، وقد عملت هذه الشخصيات وهم من فطاحلة الإصلاح في الزيبان أمثال: الشيخ محمد خير الدين،الشيخ الطيب العقبي والشيخ محمد الأمين العمودي…الخ. دوراً كبيراً فكان لكل منهم عمله، فكان منهم من هو المعلم والمصلح والإعلامي وحتى الطبيب وعلى ذكر الطبيب ظهرت شخصية مر عليها الكتاب مرور الكرام، شخصية لم ينصفها المؤرخون ورغم جلائل الأعمال اكتفوا بذكرها في اسطر قلال انه الحكيم سعدان واحمد الطبيب المتمكن، السياسي المحنك نشأ في وسطين، الأول هو الجزائري عربي المسلم، والثاني هو الفرنسي الغربي المنادي بالحرية المتشبع بأفكار الثورة الفرنسية، لكنه كان كأي ابن بار لاينسى خير أمته لكن أمته اليوم نسته، فلو سالت احد أهالي بسكرة عن شخصية الحكيم سعدان لأجابك أنها ثانوية أو شارع أو مستشفى مشهور، ولعل جلهم سيقول لك نفس الكلام وعلى كل حال أننا نتعجب كل العجب لإنكار وتقزيم شخصية عظيمة كشخص الحكيم سعدان مقارنة بأعمالها الإنسانية والسياسية، فقد عاش فقيراً لكي لا يحس أبناء أمته بالألم والبرد ووقف ضد الظلم دون خوف أو تراجع فكان الخطيب على المنابر الرافض لأي شكل من أشكال السياسة
الاستعمارية الفرنسية الظالمة، ولأدوار هذه الشخصية التي لا تعد ولا تحصى أردنا إلقاء الضوء على جوانب حياة هذا الرجل ضمن الحركة الإصلاحية والحركة الوطنية وممارساته الإنسانية وفي هذا الإطار يندرج موضوعنا المعنون ب: احمد الشريف سعدان ودوره الإنساني والسياسي.
لقد اتبعنا في انجاز هذا البحث خطة مقسمة إلى ثلاث فصول: مقدمة وخاتمة؛ في المقدمة تطرقنا إلى ظهور الفكر الإصلاحي وكيفية وصوله إلى الجزائر وصولا إلى تأثر أبناء منطقة الزيبان بهذا الفكر التنويري، ونتيجته كانت ظهور التيار الإصلاحي الذي ظهر أثناء تبلوره الحكيم سعدان وهو لب الموضوع لإبراز الأثر الذي تركه على مسار الحراك السياسي ضمن إطار الحراك الإصلاحي.
المدخل: وتناولنا فيه أوضاع التعليم في منطقة الزيبان، والدرجة التي وصل إليها الجانب العلمي والفكري بالمنطقة أثناء الاستعمار الفرنسي وكانت الرغبة هنا إبراز مدى قدرة الاستعمار على تفكيك المنظومة العلمية ومدى مواجهة السكان لها.
باعتبار أن هذه الفترة هي الأرضية التي بدا منها الحكيم سعدان، ويبدو
التقسيم واضحا فالفترة الممتدة ما بين 1919 إلى 1927 هي بداية ظهور الأحزاب السياسية وتبلور الوعي والفكر وهي فترة سابقة لقدوم سعدان إلى بسكرة، والفترة الثانية هي ممتدة مابين 1927 الى 1936م وهي فترة مجيئه والفترة التي تليها، لملاحظة الفرق الذي أحدثه سعدان بالمنطقة، ركزت في هذا الفصل على بوادر الفكر الإصلاحي وعن أقطابه الذين كانوا على صلة مباشرة بالحكيم سعدان، ثم تناولت الصحافة الإصلاحية بالمنطقة من ظهورها واهم الصحف الصادرة وربطنا وبشكل ظاهر للعيان بينها وبين سعدان أي بين مؤيدة ومعارضة، لنصل في الأخير إلى أهم الجمعيات والنوادي والتي كان لها نشاط ظاهر على الساحة الثقافية
بالزيبان.
تحدثت عن مولده ورحلاته العلمية واهم أساتذته وزواجه الذي كان
محل نقاش الكثير من الكتاب وأفاض حبراً كثيراً، وصولا إلى استقبال أهالي بسكرة له لإبراز مدى تقبل الأهالي لهذا الوافد الغريب، لنتناول بعدها وظائفه ومسؤولياته ثم وفاته وأثاره، وكان الهدف من كل هذا هو قياس نسبة تأثير الوسط الفرنسي على المقومات التي تربى عليها
الحكيم سعدان.
بداية بالإنسانية منها خاصة دوره كطبيب ونشاطه في جمعية إعانة الفقراء تشجيعه للرياضة والتعليم وكذلك النشاط الكشفي، ثم انتقلنا للجانب السياسي ودوره في جماعة النخبة ثم انتخابه كنائب عام لعمالة باتنة ومشاركته في المؤتمر الإسلامي وحماسه لبيان الشعب الجزائري وتشكيله لحزب أحباب البيان والحرية، ودوره في الاتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري مروراً على أهم مواقفه كموقفه من الحكم العسكري للجنوب وموقفه من جمعية العلماء المسلمين ثم موقفه من أحداث 08 مايو 1945م.
وقد حاولت خلال هذه الفصول الغوص في شخصية الحكيم سعدان ومحاولة دراسة جميع جوانبها دون إغفال أي تفصيل، وحاولت قدر الإمكان التجرد أثناء طرحي للأفكار كما وجدت دون إبداء رأيي فيها إلا فيما يخص بعض الاستنتاجات ومواضع الضرورة، وذلك لتحري الموضوعية. أنتجت الفترة الانتقالية ما بعد الثورات الشعبية من احتلال الجزائر حركة وطنية، سياسية وكذا إصلاحية عملت على تغذيتها مختلف الأطراف والنخب السياسية وكذا العلماء الأجلاء الذين تبنوا وتحملوا أعباء إصلاح الفساد الاجتماعي الذي كان مهيمنا آنذاك وتنوعت هذه النخب كل حسب نشاطه.
رابط الدراسة
حجم الملف: 4 ميجابايت
[sociallocker] [/sociallocker]المقدمة حيث تعد الألعاب الإلكترونية من أهم الوسائل الترفيهية التي يستخدمها الأفراد في حياتهم اليومية،… أقرا المزيد
التسرب المدرسي التسرب المدرسي هو مصطلح يُستخدم لوصف حالة التلاميذ الذين يتركون المدرسة دون الحصول… أقرا المزيد
مفهوم التوحيد التوحيد هو مفهوم في الإسلام يشير إلى توحيد الله عز وجل، وهو أساس… أقرا المزيد
مقدمة تغيرات المناخ هي مجموعة من الظواهر الجوية الطويلة الأمد التي تؤثر على المناخ العالمي… أقرا المزيد
السيل الكبير يعتبر "السيل الكبير" في الطائف من أشهر الأودية في المنطقة، وهو يشهد تدفقًا… أقرا المزيد
نبذة عن تويتر تويتر هي منصة تواصل الاجتماعية عبر الإنترنت حيث تم إنشاؤها في عام… أقرا المزيد
يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط.