ملخص الدراسة:

كان جاك بريڤير ساخراً خفيف الدم صاحب حضور وبريق، تسعفه إلى ذلك لغته الرشيقة, وعوالمه السوقية الشعبية، وشعريته السريالية المتحللة من كل القيود النصية والشروط المذهبية الأدبية. وتعلّم من الحياة والشارع والحياة الشعبية أكثر مما تعلّم في المدرسة، ثمّ التقى عدداً من الشعراء والرسامين والأدباء الذين شكّلوا، فيما بعد، الحركة السريالية.وبصفة عامة، فإنَّ سريالية جاك بريڤير، هي استثمار حر للغة والواقع، للدال والمدلول معاً، أو هي طقس استعاري مجازي كف عن أن يكون وفياً لاستخدامات اللغة المعهودة، بل هو توسع في تفجير استخدامات الكلام، وخرق لكل العادات البلاغية القديمة، وخرق - أيضاً - للطرائق النسقية المتعارفة في النظر إلى العالم، باعتباره نصاً مشرعاً على جميع التأويلات.وقد عبّر في قصائده وأغانيه، وبخاصة في مجموعته "كلمات" 1946، وفي مسرحياته وأفلامه عن موقفه تجاه الفقراء والمضطهدين، وتغنّى بجمال الحياة، ولذلك كان أقرب الشعراء والمعاصرين إلى هموم الشعب وبساطة الحياة في شعره.وإذا كانت البساطة سمة عامة في شعر بريڤير فليس معنى ذلك أنّه يتقصّدها، وإنما هي أسلوبه الشعري الذي ينطلق منه للبحث عن القيم الإنسانية في عالم بدأ يتحلّل منها ويبحث عن مصالحه الخاصة، ولذلك كان الشاعر باحثاً عن إنسانية الإنسان، وهو يوازن في ثنائياته بين الماضي والحاضر والطبيعة والمدينة والزيف والصدق لبيان وجه الجمال في هذه الحياة، ومن هذا المجال يستطيع المرء أن يقرأ شعر بريڤير، فوراء كثير من قصائده قيم إنسانية.