ملخص الدراسة:

في لحظة من لحظات الانسانية ، ادرك اخوان الصفا (1) انه لابد ان يكون لهم صوت مؤثر في الحياة وذلك من خلال رسائل وضعوها كانت فيها من التأثير في فترات ابعد من اللحظة التاريخية التي صنعوا فيها تلك الرسائل وبذلك كانت لتلك الرسائل سحرها الدائم منذ الربع الاخير من القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي . وقد اشاروا الى ان الهدف من وضع الرسائل : " تهذيب النفوس ، واصلاح الاخلاق ، للبلوغ الى السعادة الكبرى، والجلالة العظمى، والبقاء الدائم والكمال الاخير"(2) وكان منهجهم في ذلك انتظام الفلسفة اليونانية والشريعة ليحصل الكمال، اذ يرون ان (الشريعة طب المرضى والفلسفة طب الاصحاء، الانبياء يطبون المرضى حتى لا يتزايد مرضهم ، وحتى يزول المرض بالعافية فقط، واما الفلاسفة فانهم يحفظون الصحة على اصحابها، حتى لا يعتريهم مرض اصلا)(3). ويرون : (ان الحكمة هي التشبه بالإله حسب طاقة البشر) ومعناه : (4) (ان تكون علومه حقيقية، وصناعته محكمة واعماله صالحة ، واخلاقه جميلة ، وآراؤه صحيحة ، ومعاملته نظيفة، وفيضة على غيره متصلا، والله سبحانه وتعالى كذلك) (5) . ولما اصبحت الحاجة الجمالية ، عامة شاملة ، وعميقة الارتباط بحياة الانسان المعاصر ولأهمية ما تضمنته رسائل اخوان الصفا من افكار ومعارف في ميدان الجمال والفن ، ارتأينا دراسة تلك الافكار تحت عنوان من فلسفة الجمال والفن (6) . عند اخوان الصفا ، رائدنا في ذلك رفد المكتبة العربية والاسلامية بما هو مفيد وفريد ، لكون الموضوع لم يدرس لحد الان بشكل مستقل عسى ان نكون موفقين في ذلك لبيان حلقة من حلقات مفاهيم علم الجمال وتطورها عند العرب والمسلمين ، وتطلب ذلك ان يتقدم البحث تمهيد مختصر ، يتبعه مبحثان: الاول : فلسفة الجمال والفن عند اخوان الصفا . الثاني: نظرية الفن عند اخوان الصفا ويتضمن المبادئ والتطبيق . وقد استقر التبويب المذكور انفاً لكون البحث يهدف الى الكشف عن المعايير الجمالية في الفكر الفلسفي لإخوان الصفا .