ملخص الدراسة:

تتناولُ هذه الدِّراسةُ الأوضاعَ السِّياسيَّةَ والحضاريَّةَ في الأندلس؛ خلال عهد الأمير المنذر بن محمَّد (273-275هـ/886-888م)، الَّذي يُمثِّلُ عهده محطَّةً مهمَّةً من محطَّات تاريخ عصر الإمارة الأمويَّة في الأندلس، ذلك أنَّ عهدَه القصيرَ يكادُ يختزلُ كثيراً من السِّمات العامَّة الَّتي عاشتْها البلاد في تلك الحِقبة، والَّتي شهدتْ خِلالها حالةً من التَّمزُّق والتَّشرذُم السِّياسيِّ والجغرافيِّ؛ بفعلِ حركات التَّمرُّد والعصيان في كلٍّ من طُليطلة، والثَّغر الأعلى، والغرب والجنوب الأندلسيَّين، بتشجيعٍ ودعمٍ من الممالك المسيحيَّة، وعلى الرَّغم من صِفات القُدرة والقوَّة والحزْم الَّتي تمتَّع بها المنذر؛ فإنَّ مدَّة حكمه القصيرة لم تُسعفهُ في تحقيق إنجازاتٍ لافتةٍ في مواجهة هذه الأخطار، فذهبت معظمُ جهوده الَّتي بذلها أدراجَ الرِّياح، ثمَّ دفعَ حياتَه ثمناً لها، ويعتقدُ البعضُ أنَّه لو طال عهدُه لتمكَّن من تغيير الكثير في ملامح الخريطة السِّياسيَّة في الأندلس. ولم تمنع الأحوالُ السيِّاسيَّة المضطربة ظهورَ العديد من مآثره الحضاريَّة؛ وبخاصَّة ما تعلَّق منها بوُزرائه ورجال دولته ووُلاته وقُضاته، والعَمارة الدينيَّة والأدب والشِّعر في عهده