ملخص الدراسة:

الحمد لله الذي أنار لعباده المؤمنين السبيل، وأوضح لهم الحجة والدليل، وأبان لهم الحق وبصَّرهم بأماراته ودلائله، وأصلي وأسلّم على المبعوث رحمة للعالمين، وهداية للخلْق أجمعين، محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي كان منهجه عدلاً ووسطاً وقواماً، ورضي الله عن أصحابه وأتباعه ومن سلك سبيله واهتدى بهديه إلى يوم الدين، أمـا بـعـد: يعتبر القضاء من أهم مجالات فقه الشريعة، وهو من أجل العلوم قدراً, وأعزها مكاناً وأشرفها ذكراً؛ ذلك لأن القضاء يمس حياة الناس ويؤثر فيها، حيث تُعرض على القضاء مشكلاتهم وقضاياهم فيقوم بالنظر فيها وإصدار الأحكام بشأنها فإن كان القضاء عادلاً مقسطاً متبعاً شريعة الله العادلة, صَلُحَ أمرُ المجتمع, وعم الأمن والطمأنينة فيه, وإن كان ظالماً فَسُدَتْ حياة المجتمع وعمت الفوضى فيه. وقد ظل القضاء الإسلامي مزدهراً في جميع عصور التاريخ الإسلامي تقريباً, فكان المثال العادل للقضاء, الذي وصل إلى مستوى من التقدم وتطبيق العدالة بين الناس لم تصل إليه أكثر النظم تقدماً في عصرنا الحاضر، وذلك لأنه نظام رباني يستمد نظامه من التشريع الإلهي الذي لن تستطيع النظم الوضعية الوصول إلى مستواه إلا بإتباع نهجه القويم. ولكن القضاء في عصرنا الحاضر لم يعد قضاءاً إسلامياً خالصاً, فبعد أن كان القضاء يحكم بمقتضى الشريعة الإسلامية في كل المنازعات والقضايا بلا استثناء أصبح الآن قضاءاً مزدوجاً, فهناك قضاء وضعي مُستمد من النظم الوضعية, وقضاء شرعي يحكم وفق الشريعة الإسلامية. وقد قسمت الاختصاصات بين هذين القضاءين, فحظي القضاء النظامي بنصيب الأسد, وترك للقضاء الشرعي النظر في بضعة مسائل, وهي التي يطلق عليها اليوم مصطلح " الأحوال الشخصية". وعلى الرغم من انحسار وظيفة القضاء الشرعي اليوم، فإن الكثير من أبناء الإسلام يجهل أمره واختصاصاته وكيفية اللجوء إليه, بل وقد يجهل بعض العاملين في القضاء الشرعي أموراً يجب عليهم القيام بها. ومن هنا كان اختياري للموضوع الذي أرغب الكتابة فيه كرسالة علمية تكميلية لنيل درجة الماجستير في القضاء الشرعي بعنوان: " الاختصاص الوظيفي والمكاني للمحاكم الشرعية في قطاع غزة" ولتكون هذه الدراسة طريقاً يسلكها الملتحقون بحقل القضاء الشرعي, وما يجب أن يكونوا عليه وفق أحكام الشريعة الإسلامية؛ لينطلق القارئ بدوره إلى فهم القضاء الشرعي في بلادنا الحبيبة.

توثيق المرجعي (APA)