الخداع في الحرب pdf
ملخص الدراسة:
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . وبعد : إن الحرب ملازمة للإنسان منذ أن دب الخلاف بين ابني آدم قابيل وهابيل ، حتى بدت كأنها أمر طَبَعِيٌّ في البشر ، ولذلك فقد تساءل الملائكة عند استخلاف آدم قائلين : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ .. } . والسؤال هنا منهم سؤال استعلام عن الحكمة في ذلك ، فبين لهم سبحانه وتعالى أن ذرية آدم كما فيها من يفسد في الأرض ، ففيها الأنبياء والرسل والصديقون و الشهداء والصالحون . فالحرب ظاهرة اجتماعية يمكن تحاشيها ، وكان ذلك واضحا من خلال الرسالات السماوية التي أفلحت في غرس بذور الخير ، واقتلاع أشواك الشر من النفوس . ثم إن الحرب بغيضة في ذاتها ؛ لما يكون فيها من إزهاق النفوس والتدمير ، وان الشرائع لم تأت بشيء يصادم الطبائع ، حيث يقول سبحانه وتعالى : {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ، فلو كان القتال أمراً طبيعياً في النفوس لما قال القرآن : {وهو كره لكم } . وإنما شرع الجهاد في سبيل الله لأنه أمر حسن لغيره ، وهو إعلاء كلمة الله تعالى ، وحماية الدين الحق ، و دفع العدوان ، و منع الفساد . بينما الحرب عند الكفار تلجأ إليها الدولة بمحض تقديرها ، وفي سبيل نفعها الذاتي القائم على الهوى ، وحب التسلط ، وتدعيم الاقتصاد ، أي سعيا وراء تحقيق هدف اقتصادي أو سياسي ، ومنه رد الأمة الإسلامية عن دينها ، كما في قوله تعالى : { وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ } . إن هدف أي دولة هو أن تحصل على النصر بأقل الخسائر ، وفي أقصر وقت ، وبخاصة بعد التفوق العلمي الرهيب والمرعب في تطوير الأسلحة ، ووسائل التدمير ، وفي شكل الحرب ، وفنون القتال . فإذا كان هذا هو هدف الدول المغترة بقوتها ـ فمن باب أولى ـ أن يكون هدفاً للدولة المستضعفة ، حتى لا تستنـزف مواردها بالحروب . ويزداد الأمر خطورة عندما تتصدى المقاومة للاحتلال المتفوق عليها مادياً ، كما هو الحال عندنا في فلسطين ، فهاهنا يصبح الحصول على النصر ، وبأقل الخسائر ، قضية مصير ، ومسألة حياة أو موت، ولا بد أن توضع على قمة الأهداف الضرورية ، وأن تسخر كل الطاقات المادية والمعنوية لتحقيقه . ولعل هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في إدارته للمعارك ؛ حيث استغل كل سلاح الى أقصى حد ممكن ، فيما رواه حمزة بن أبي أسيد عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ‘‘ إنْ دنا القومُ منكم فَانْضَحوهم بالنِّبالِ ، ولا تَسُلُّوا السيوفَ حتى يَغْشَوْكُم ’’ ، مع الاقتصاد الشديد في الذخيرة ؛ حيث يقول : ‘‘وَاسْتَبْقُوا نَبْلَكُم ’’ . وقد سار المسلمون على هذا النهج بعد ذلك فكان إذا زحف العدو بعد ذلك أمهله رماة المسلمين حتى يكون في متناول السهام ، ثم أمطروه بوابل منها و هم جاثون جماعات ؛ بحيث تخرج سهامهم مجتمعة كأنها صادرة عن قوس واحدة . وإن من المبادئ الحديثة في الدفاع " كبت النيران " إلى اللحظة التي يصيح فيها العدو في المدى المؤثر لهذه الأسلحة ، فالبندقية المستخدمة في الجيوش حديثا يصل مداها إلى ألف ياردة على الأقل ، ولكن أصول الدفاع تقضي بألا تطلق النيران إلا إذا وصل العدو إلى مسافة مائتي ياردة ، وإن على المدافعين كبت نيرانهم حتى يصل العدو إلى هذا المدى فتكون كل رصاصة برجل ؛ مما يؤدي إلى اقتصاد كبير في استهلاك الذخيرة . ثم إن مواجهة العدو بوابل شديد من النيران المصوبة جيداً من مسافة قريبة ، يكون لها اثر مروع في روحه المعنوية ، وتعظم نسبة الخسائر فيه ، وإن عشرة رجال يسقطون معا في ميدان المعركة ، يجبرون فوجا كبيراً على التراجع بصورة مؤكدة أكثر من خمسين جريحاً يسقطون تدريجياً في أماكن مختلفة ، وهذا أفضل بالطبع من الرمي من مسافات بعيدة يطيش معها رصاص المدافعين ، ويذهب أكثره في الهواء ، فضلا عن أن ذلك يكشف للعدو مواقع المدافعين مبكرا . ولعل هذا الهدف متوفر بصورة أكبر في وسائل الخداع والحيل المستخدمة في الحرب بما تؤدي إليه من سرعة النصر ، وقلة الخسائر ، و الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ‘‘ الحرب خدعة ’’. معناه أن النصر يقع سريعاً بخدعة واحدة ، والواجب الحذر من أن نؤخذ ببعضها على غفلة منا .
توثيق المرجعي (APA)
خصائص الدراسة
-
المؤلف
زعرب, خالد محمد عطوة
-
سنة النشر
2005
-
الناشر:
الجامعة الإسلامية - غزة
-
المصدر:
المستودع الرقمي للجامعة الإسلامية بغزة
-
نوع المحتوى:
رسالة ماجستير
-
اللغة:
العربية
-
محكمة:
نعم
-
الدولة:
فلسطين
-
النص:
دراسة كاملة
-
نوع الملف:
pdf