ملخص الدراسة:

أحمد الله الغفور التواب, الهادي إلى الصواب, وأصلي وأسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه, وبعد... لقد تميزت الشريعة الإسلامية بميزات عدة جعلتها الرائدةَ على الدوام, فكانت الدستور الصالح لكل زمان ومكان, ومما تميزت به الشريعة شمولية أحكامها لجميع جوانب الحياة, وعلى رأسها الإنسان, فتناولت جميع جوانب شخصيته من جسم وروح وعقل وعواطف وغرائز, وعملت على المحافظة على سلامته؛ فجعلت حفظ النفس أحد أهم الضروريات الخمس التي اتفقت عليها جميع الشرائع, فحياة المسلم مقدسة, لا يجوز لأحد أن يعتدي عليها ولا تُسلب هذه القدسية إلا بسلطان الشرع, فكيان المسلم المادي والمعنوي حِمى تحميه الشريعة في حياته, وبعد مماته. واهتمام الشريعة بحماية المسلم نابعة من كون الحياة الكريمة التي يدعو إليها الإسلام متوقفة على صلاح الجسد الذي تأوي إليه الروح, حتى يكون قادراً على النهوض بالتكاليف الشرعية؛ ولذا قرّر علماؤنا أن "صحة الأبدان مقدمة على صحة الأديان". هذا ومع التقدم العلمي والتكنولوجي السريع والمذهل, بات الإنسان قادراً على تسخير التقنيات والتطبيقات التكنولوجية في تحقيق مصالحه المختلفة بما ييسر أمور حياته من علاج وتجارة ودراسة وغيره, إلا أنه ومع هذا, فقد أساء الإنسان التعامل مع التطور التكنولوجي فعدا على حقوق الإنسان إلى حد بعيد؛ فغدا من المتعين إعادة النظر في الاستخدامات البشرية للمستحدثات العلمية والتكنولوجية التي تؤثر بشكل أو بآخر على حقوق الإنسان, لاسيما حقه في سلامة جسده, وكذلك لا يعقل أن يُترك الجسم البشري يعاني من عدم التكّيف مع التكنولوجيا لما تحمله من خصائص وطبيعة ذات أثر ضار عليه, دون النظر في سبل حمايته وطرق ضبط التكنولوجيا والتطور التكنولوجي بالضوابط المنهجية الشرعية التي تحميه وحقوقه من آثارها الضارة. ومن هنا كان هذا البحث (الآثار الضارّة للتطّور التكنولوجي على حق الإنسان في سلامة جسده)؛ ليدرس بعض القضايا المتعلقة بالجانب السلبي للتطور التكنولوجي فيما يتعلق بحق الإنسان في سلامة جسده, وذلك من خلال بيان فلسفة التشريع ومقاصده في حفظ حقوق الإنسان أولاً, ثم بيان ماهية التطور التكنولوجي, والمقصود بحق الإنسان في سلامة جسده, ثم الوقوف على نظرة الشريعة الإسلامية للتطور التكنولوجي إيجاباً وسلباً, إلى جانب بحث الضوابط المنهجية الشرعية التي تحكم التطورات العلمية وتبعدها عن الدخول في دائرة المحظور الشرعي, إلى جانب معالجة صور الاعتداءات التكنولوجية الأكثر انتشاراً وشمولاً وخطراً على حق الإنسان في سلامة جسده بالبحث والدراسة, وتحديد موقف الشارع منها.

توثيق المرجعي (APA)