ملخص الدراسة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من علم الناس الدين القويم, وعلى من تبعه بإحسان إلى يوم الدين, وبعد: فالشعر ديوان العرب, ومنبع مفاخرهم, وخزانة حكمتهم, ومعرض فصاحتهم, ومستودع علومهم, وسجل تأريخهم, ولذلك كان للشاعر مكانة رفيعة في قومه, لكونه أكثرهم علماً بتأريخهم, ومفاخر أنسابهم. وقد عُدَّ الشاعر أحد ثلاثة تفرح بها العرب وتسعد, فكانوا لا يُهنِئون بعضهم إلا بغلام يولد, أو شاعر ينبغ, أو فرس تنتج, وكان ذلك بسبب شدة حاجتهم إلى الشاعر الذي يدون مآثرهم, ومفاخرهم, ويقلل من رهبة عدوهم , فالشعر حماية لأعراضهم , وذب عن أحسابهم, وتخليد لمآثرهم. ولما كان الشعر العربي هو من أجمل وأعظم فنون الأدب العربي, وكانت له الهيمنة الكبرى عند العرب , فلم تختص به فئة دون أخرى , لذا فإن من الروعة والجمال وقمة الشاعرية أن تجد عالماً فقيهاً محدثاً ينتج ديواناً شعرياً راقياً يضاهي في قوته ورونقه أصحاب الحرفة أنفسهم, وكأنه يريد أن يؤكد أن هذه الملكة لا تقتصر على أصحاب الكتابات الشعرية فحسب, وإنما يملكها من لديه تدفق فكري لغوي يصقله من خلال أبيات شعرية فيها من فصاحة اللسان وقوة المعاني والأفكار, لذلك فمن استطاع تقدير جهود هؤلاء العلماء, فقد أقام الميزان العدل ووافاهم حقهم , وأنزلهم مكانتهم ومقامهم المرموق. وقد تداول الشعراء الشعر عبر العصور المتعاقبة, وكان من أهمها العصر المملوكي الذي تربع في مكانة مرموقة في الأدب العربي, لكثرة علمائه وشعرائه, وبالرغم من ذلك لم ينل نصيبه من الدراسة والبحث والتقصي كباقي العصور, وذلك بسبب النظرة الخاطئة التي رسخت, وهي اتهامه بالانحطاط والتخلف, مما جعل الكثير من الكنوز العلمية والأدبية تبقى مدفونة بحاجة لمن يكتشفها ويبحث فيها, ليرى غزارة الأدب والعلم الذي تحويه, ويبطل الادعاءات حوله. وقد حاولت أن أساهم في كشف إحدى تلك الكنوز من خلال البحث عن شاعرية ابن حجر العسقلاني في ديوانه, وأحسب أن هذا البحث يمثل فتحاً جديداً في ميدان الأدب في العصر المملوكي, الذي وقع عليه الإجحاف بسبب اتهامه بالقصور في مجالات العلم, وكذلك تكمن هذه الأهمية في رسم ملامح النهج الذي سار عليه الشاعر, بين سنة الأولين القدماء في تناول أغراضهم, وبين ما نهجه من التجديد.

توثيق المرجعي (APA)

مقداد, محمد صبحي علي (2015). شاعرية ابن حجر العسقلاني (دراسة تحليلية). الجامعة الإسلامية - غزة. 17184