ملخص الدراسة:

تعد ظاهرة التضمين والاستشهاد الأدبي , دالة نصّية على التواصل التاريخي والأدبي , بين الأدباء والأجناس الأدبية , وبين الأجيال الثقافية بما يمثل هُوية حضارية ترتحل زمنيا حاملة معها كلّ المؤثرات ومرجعيات الكاتب الثقافـيّة , وطبيعة تجربته الإبداعيّة المنجزة , وأنّ هذه الظاهرة كانت نقطة ارتكاز الناقد العربي في مفاضلته بين الأدباء والشعراء ومقارنة بين الأجيال . وهنا في مقالات (وحي القلم) عند مصطفى صادق الرافعي , تظهر ظاهرة التضمين والاستشهاد الأدبي على أنها هوية فنية أو أسلوبية , بنوعيها سواء كان التضمين شعريا أم نثريا . حسبما تأطره وتنسجه من مظهر متميز يكون صفة لمنطق البناء , ومدار نوعي لعلاقاته الداخلية لتكون دلالات متأصلة , وعلاقات نصية ناضجة ومتينة تتعاضد وجوهر الموضوع . وفي المقالة الرافعية تعمل هذه الظاهرة حافزا تشكيليا في بناء النصّ , يمنحه سياقات هامشية , وإيحائية , وتواردات فكرية ومعرفية , ذات أبعاد اجتماعية ودينية , بما يمثل استثمارا للطبقات الخارجية للنص , والعاملة على تحريك ذاكرته التاريخية , ولذلك كانت هذه الظاهرة ذات أهمية كبيرة , وافرة النفع , كبيرة الجدوى , في تشكيل وبناء المقالة الرافعية , على الرغم من كونها ظاهرة تقليدية إلا أنها اختلفت عــن طريق عطائها الموسيقي المــغاير .أمّا ظاهرة التضمين للأجــناس النثـريّة الأخرى (الرسائل , النكت والنوادر الهزلية , القصص التاريخـيّة) فقد نجح الرافعيّ في توظيفها توظيفا فـنـّيّا يمنح التشكيل المقاليّ مدارات مشبعة بالتشويق والتسلية والتصوير الساخر , فضلا عن حركيتها الدراميّة والحبكة القصصيّة وما لها من أثر في بيان المعاني المراد الإفصاح عنها في فكرة المقالة الرئيسة التي من أجلها استدعى الكاتب هذا التضمين .