ملخص الدراسة:

مما سبق نستخلص إن ظاهرة التخلف الاقتصادي (Economic Backwardness) تعد مركبة في تشكيلها( اقتصادية، اجتماعية، نفسية، سياسية)، حيث سبق وان تناولتها نظريات عدة. منها من ركز على العوامل الجغرافية , بينما تصدى البعض لأثر العوامل الاجتماعية والثقافية والنفسية, والبعض الأخر ركز على الحلقة المفرغة للفقر, في حين يراها آخر أنها مرحلة من مراحل التطور, بينما يعزي البعض تفاقمها إلى الآثار السلبية للعلاقات الدولية غير المتكافئة، من هنا يتضح تباين في تفسير الظاهرة نشوء وتفاقم الظاهرة ومرد ذلك الاختلاف في زاوية النظر إليها من قبل المختصين. وان أفضل فهم لهذه الظاهرة ينطلق من النظر إلى كونها حالة من التأخر تصيب المجتمعات الإنسانية، في ذات المجالات، وبتراكمها قادت إلى حدوث فجوات في مجالات عدة في ( الدخل ، الصحة ، التعليم, التكنولوجيا ) للمجتمع، حيث أفضت بمجموعها إلى تشكل هذه الظاهرة. ويمكن القول إن الثورة الصناعية التي حدثت في منتصف القرن الثامن عشر قد شكلت البدايات الأولى لتشكل الظاهرة. حيث شكل انطلاق الدول الصناعية من خلال التحول من استخدام القوى العضلية إلى المكننة ثم الاوتوماتيكية قي بداية القرن العشرين، أعقبتها الثورة العلمية والتكنولوجية في منتصف العقد السابع من القرن العشرين، لتعمق هذه الظاهرة. لقد قادت الثورة الصناعية الأولى إلى انطلاق دول بسرعات متفاوتة, فمنها من حقق قفزات متسارعة كالدول الصناعية المتقدمة ومنها سار بشكل بطئي، وبتراكم ذلك تعمق التخلف، يضاف إلى ذلك فقد تفاعلت عوامل داخلية وخارجية ساهمت في تشكيل الظاهرة، ومن العوامل الخارجية تبرز السيطرة الاستعمارية على تلك الدول وإلحاقها بها واستغلالها ونهب مواردها( المادية، والبشرية) والتي استمرت قرون عدة, كما ساهمت الدول الرأسمالية في وضع معرقلات في النهوض باقتصادات الدول النامية. كما ساهمت العوامل الداخلية والتي تعد من المعوقات وخاصة تلك المتمثلة بالعادات والتقاليد غير المنسجمة مع التطور الحاصل في قوى الإنتاج ، كما شكل النقص في الخبرات والمهارات اللازمة لاستخدام وسائل العلم الحديث الناتجة عن تخلف أساليب التعليم وعدم مسايرتها للتطور الحاصل في الدول المتقدمة الصناعية، وتخلف النخب السياسية في السلطتين التنفيذية والتشريعية والفساد بأشكاله المختلفة والمستشري في تلك الدول في تعميق الظاهرة.